12‏/11‏/2009

اهدم جدارك!

فعلتها برلين منذ 20 عاماً فهل تفعلها أنت؟

عشرون عاماً مضت على سقوط جدار برلين -10نوفمبر 1989- الذي لم يكن مجرد جدار يفصل شطري المدينة وإنما كان يفصل بين عالمين غاية في التباين.. ولكن حدثت المعجزة وتحقق اللامعقول وتم هدم هذا الجدار الرهيب..


وداخل كل منا جدار يستعصي على الانهيار.. جدار يعيد إلى الأذهان قصة "دكتور جايكل ومستر هايد" .. التناقض في أكبر صوره. صراع يتجاذب فيه الطرفان على جانبي جدارنا .. ولكنه صراع مفتعل.. صنعناه بأيدينا وكأن الحياة تحتاج إلى المزيد من التعقيد. جدار يجعل الشخص يبذل جهداً ووقتاً في محولات إخفاء مشاعر ما قد يرى أنها تشينه رغم أنها هي التي تزينه وليس غيرها:

نرى رجالاً يستكثرون كلمة ثناء أو إطراء لزوجاتهم إذ يرى هؤلاء أن مثل تلك الكلمات تعتبر ضعفاً لا يليق بهم ويقلب موازين القوى في المنزل .. فالواحد منهم يعتبر زوجته خصماً في معركة الحياة لا يجب أن يكشف أمامه نقاط ضعفه لكيلاً يستفيد منها هذا الغريم!!! ويتناسى هؤلاء أن الزواج جعله القرآن الكريم مرادفاً للمودة والرحمة.

ونرى هذا الجدار في آباء وأمهات يعتبرون أن قبلة حانية على خد طفل انتقاصاً من دورهم كـ "كبار" في المنزل.. وكأن هذا الكبير يجب ألا يكون له قلب ولا مشاعر. وطبعاً لا يدور في خلد هذا الكبير أن هذا الجدار لا يشيده بداخله فحسب بل إنه يشيد في الوقت ذاته جداراً أكبر يفصل بينه وبين صغاره.

جدار يحرم الشخص من الاستمتاع بالحياة متذرعاً بقائمة من المفاهيم المغلوطة البالية التي ترى أن الاحترام والوقار مرادفات للتجهم والعبوس .. وتصبح النظارة السوداء هي سيدة الموقف في النظرة للحياة بشكل عام.

ونفس الجدار يظهر بجلاء في مهللين مباركين لأوضاع وأشخاص يعرف المهللون أكثر من أي شخص آخر خطأ هذه الأوضاع أو الأشخاص.. ولكنهم يسوقون المبررات الواهية لتهليلهم وكلها مبررات من الوهن بحيث تنسفها جميعاً حقيقة أن جداراً بناه صاحبه طواعيةً بداخله ليعميه عن رؤية جانب يعرف أنه سيسقط ورقة التوت عنه.


فلنهدم الجدران التي أقمناها داخلنا وليعش كل منا حياته بشخصيته دونما مواراة ودون أن يختفي وراء جداره.. ليتنا نظهر على حقيقتنا بأن يكون خارجنا ما هو إلا ترجمة لما يعتمل بداخلنا. فهل آن الأوان ليعمل كل منا المعاول في الجدار الذي يجعل منه مسخاً لا يمت له بصلة؟!

هناك تعليقان (2):