11‏/12‏/2009

وتفقد الطير (2)

(ح ...ر... م )

في هذه المادة نجد لغتنا صاغت كلمات: حرّم – حرام- تحريم- وغيرها.. ومن بين الكلمات التي شاعت بين الشعوب العربية على اختلاف لهجاتها كلمة "حريم" في إشارة للنساء.. وقد أبت نخوة العربي إلا أن يضع نساءه ضمن الحرمات التي يجب أن تصان والتي يحرم على أي شخص أو شيء أن ينالها بما يسوءها.

وجاء الإسلام الذي حرر المرأة من كل ما يمتهنها فأقر تلك الصورة وزادها بما زانها ..
ورأينا كيف أن المرأة أصبحت هي الطير الذي كلف الرجل بتفقده ورعايته واحتوائه.. لا من باب التعالي وإنما من باب تحديد الاختصاصات بين الجنسين .. وهو أحد صور الميزان الذي أمرنا الله تعالى ألا نطغى فيه.


والسؤال التقليدي: يا كل من جعلك الله قيّماً على طيور.. هل تفقدت طيرك؟!

هل تفقدت حال المرأة الأولى في حياتك.. أمك؟ تلك التي كنت أنت –ولا تزال- فرخها الذي لا يكبر مع الأيام بل هو ذلك الطائر الصغير مهيض الجناح.. ولا تزال هي تقدم وتعطي دون انتظار لمقابل..
ولكن ألم يأن الأوان لتتفقد أنت طائرك الأكبر وتجاهد فيها –مع والدك- كما دعانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم؟؟
هل فكرت في أن تلبي احتياجاتها البسيطة حتى وإن أبت هي من فرط خوفها وحرصها عليك؟؟
هل حاولت مرة أن تساعدها على قتل الوحدة والملل إذا ما تقدمت في العمر؟
هل علمت زوجتك وأبناءك أن يبروا ذلك الطائر ولو بابتسامة؟
هل أدركت أن هذا الطائر آن له أن بيستريح بعد رحلات طوال كانت سعادتك أنت وإخوتك الهدف الأول منها على مشقتها؟

هل تفقدت طائرك الذي اخترته بنفسك ليكون شريكاً لك في أجواء الحياة.. زوجتك؟
وهل حاولت أن تقتل الخرس الزوجي الذي يصيب آلاف البيوت بعد أن تصبح الزوجة مجرد قطعة من الأثاث أو الأجهزة الموجودة بالمنزل سواء بضيق نظرتها للحياة الزوجية أو لأن راعيها لم يحاول أن يعاملها إلا كأنثى مهملاً العقل الذي كرم الله به بني آدم؟
وحتى إن كانت هي السبب فهل تفقدت طيرك –وأنت الراعي القيّم- لتعدل مسار رحلة السرب الذي تقوده أم تعاملت وكأن الأمر لا يعنيك بحال من الأحوال؟
هل فكرت في السبب الذي يجعل تاريخ الزفاف هو نقطة تحول بين مرحلتين: الأولى الخطوبة بما فيها –غالباً- من رومانسية وحب للحياة وتفاؤل وإشراق ؛ وبين الزواج وما فيه من عكس لكل ما سبق من سمات؟ هل تخيلت أنك ربما يكون عليك الجانب الأكبر من المسئولية في هذا الصدد؟ ولم لا وأنت قائد السرب؟
هل تفقدت طيرك بأن تمنح زوجتك أذناً مصغية لا مستهينة بأفكارها؟
وهل وضعت الاحتمال غير المستيعد بأنك إن لم تستمع لها فقد تبحث عن تلك الأذن خارج نطاق بيت الزوجية.. ولتكن من تكون تلك الأذن؟
هل تفقدت طيرك الشريك قبل أن تبكي على اللبن المسكوب الذي سيكون المرادف لبيت مدمر متهاوٍ؟

هل تفقدت طيرك.. أفراخك؟
هل اكتفيت بأنك تقوم بما تراه واجبك كما نرى في الصور الطبيعية الجميلة للطيور بالأب يسعى ليعود لعشه مطعماً أفراخه رافعي المناقير؟ هل ترى أن مهمتك تقتصر على ذلك؟ إذاً فلتراجع نفسك ولترجع لنفسك لكي ترجع لطيرك.
أين أنت من النبي الملك سليمان عليه السلام الذي لم تلهه مشاغله الجسام عن تفقد الطير واكتشاف غياب أحد صغارهم على كثرتهم؟
هذا نبي الله سليمان .. أما أنت فتزعم أن مشاغلك خراج المنزل مبرراً لغيابك داخله.. وهنا بداية النهاية.. ولتنظر بنفسك إلى طيرك الصغير وكيف صار حاله:
هل تفقدت طيرك لترى ابنتك في خروجها من المنزل؛ ماذا ترتدي، ومن تصاحب، وأين تذهب، وماذا تفعل؟
لن تعرف كل هذا بأن تعمل على مراقبتها مثلاً ..فأنت أكثر من يعرف أن من يريد أن يفعل شيئاً فلن يعدم الوسيلة وسيفعل ما يريد.. ولكنك ستعرف كل هذا إذا كنت أنت الصديق لهذه البنت.. إذا تلقت ملاحظتك على هيئتها وملابسها مثلاً على أنها ملاحظة من أب حنون غيور لا من فظ خشن مدعٍ الأبوة .. نعم .. إن لم تفعل فأنت مدعٍ الأبوة: فماذا رأت منك كأب لكي تصدق أنك تقوم بهذا الدور الآن؟
هل وجدتك حضناً دافئاً ترتمي فيه لتدرك أن هناك من يعينها في هذه الدنيا؟ هل وجدتك مهتماً بشئونها مهما صغرت؟ هل وجدتك ذلك الرجل الذي يربي ابنته على أنها ذات عقل وشخصية لا أن تختزل في كونها أنثى تدخل في دوامة المحظورات والقيود التي تفرض خوفاً من مجهول لن يأتي إلا في غياب أو تغييب عقل الصغيرة؟

هل تفقدت طيرك ابناً وزوجاً وأباً لمن أسماهم رسولنا الكريم بالقوارير بل وأوصانا بالرفق بهن؟
هل تفقدت نفسك قبل أن تتفقد طيرك لتدرك أن الله منحك القوامة لا لتتعالى بها أو تتعامل بسطحية وإنما لكي تؤدي رسالتك في الكون؟ رسالة مفادها أن البيت هو المؤشر الذي يبين مسار المجتمع بأكمله فإن صلح البيت الصغير فأبداً لن يجد السوس مكاناً لينخر قوائمه المتينه.

هناك تعليق واحد:

  1. انا خلصت الجزئين دولم على المنتدى

    مستنية الجديدة

    ردحذف