27‏/12‏/2009

27 ديسمبر 2008.. مضى عام.. وتبقى غزة شامخة

طفولة استثنائية






(لمثل هذا يذوب القلب من كمد .. إن كان في القلب إسلام وإيمان)

دائماً أقول إنه شيء استثنائي أن تكون طفلاً فلسطينياً؛ حيث يرضع الصمود والعزة ؛

لا تهدهده أمه في مهده الصغير بل يهزه قصف ترتج له جدران المنزل ؛

ولا تزيد أرجوحته التي يلعب عليها إلا عن أجزاء من أطلال بيوت كانت عامرة ؛

وما ألعابه إلا بقايا قذائف أو أشلاء صاروخ أخذ في طريقه شهداء وأحال بيوت ترتع فيها الحياة لصمت القبور

طفل في مدرسة لا جرس بها؛ فمدافع العدوان الغاشم تتكفل بتنبيهه أن درسه انتهى ؛

طفل أصقلته التجارب التي يشيب لها الولدان فلم تزده إلا صلابة وقوة وتحدٍ خضع له الجبابرة ؛

كلمات تنطق بها ألسنة صغيرة لكنها من القوة والصدق بحيث كانت المسموعة في العالم؛ فلا جدليات حول صراع حماس وفتح ؛ ولا حول الجدار العازل ثم الجدار الفولاذي ؛ كلمات تقف أمامها كل طاولات المفاوضات عاجزة، وتعري كل المزايدين وأصحاب الشعارات
كلمات أيقظت ضمير عالم كان في سبات لأكثر من 60 عاماً

طفل فيه قوة ألف جندي يدافع عن وطنه بحجر أمام أحدث آليات الموت؛ وفيه فصاحة ألف ديبلوماسي عارضاً قضيته العادلة

يفرح أقرانه في العالم بالألعاب النارية في الاحتفالات ؛ ويكون هو هدفاً لكل ما تفتقت عنه أذهان الشياطين من أسلحة تذيب أجسادهم الرقيقة

يتكلم عن الموت في حين لا تعرف شفاه أقرانه في كل العالم سوى حديث اللعب واللهو وبراءة الأطفال

براءة اغتالها الصهاينة لتكون خنجراً في أعناقهم الذليلة ؛ وليخرج من حطام تلك البراءة (صلاح الدين) جديد يذيقهم الثبور ويحرر الأرض المغصوبة ويعيد الأقصى إلى ملايين المسلمين الذين اكتفى السواد الأعظم منهم بمجرد تسليم راية الجهاد لأطفال في عمر الزهور..

ولم يخيب هؤلاء الأطفال الظن فيهم .. وتركوا أقلامهم ولعبهم ليمسكوا بحجارة تحدت دبابات المحتل

فيا كل طفل فلسطيني .. في غزة أو الضفة أو أي شبر في فلسطين الحبيبة الحرة بإذن الله تعالي:

هنيئاً لك شرف نلته في سنك الصغيرة..

وسامحنا -معلمنا الكبير ذي السنوات القليلة- أننا لم نتعلم من دروسك التي تقدمها يوماً بعد يوم




في غزة ..وفي جينين .. الجرح واحد.. والأطفال كبار أحرجت سنواتهم الصغيرة كراسي وعروش

11‏/12‏/2009

وتفقد الطير (2)

(ح ...ر... م )

في هذه المادة نجد لغتنا صاغت كلمات: حرّم – حرام- تحريم- وغيرها.. ومن بين الكلمات التي شاعت بين الشعوب العربية على اختلاف لهجاتها كلمة "حريم" في إشارة للنساء.. وقد أبت نخوة العربي إلا أن يضع نساءه ضمن الحرمات التي يجب أن تصان والتي يحرم على أي شخص أو شيء أن ينالها بما يسوءها.

وجاء الإسلام الذي حرر المرأة من كل ما يمتهنها فأقر تلك الصورة وزادها بما زانها ..
ورأينا كيف أن المرأة أصبحت هي الطير الذي كلف الرجل بتفقده ورعايته واحتوائه.. لا من باب التعالي وإنما من باب تحديد الاختصاصات بين الجنسين .. وهو أحد صور الميزان الذي أمرنا الله تعالى ألا نطغى فيه.


والسؤال التقليدي: يا كل من جعلك الله قيّماً على طيور.. هل تفقدت طيرك؟!

هل تفقدت حال المرأة الأولى في حياتك.. أمك؟ تلك التي كنت أنت –ولا تزال- فرخها الذي لا يكبر مع الأيام بل هو ذلك الطائر الصغير مهيض الجناح.. ولا تزال هي تقدم وتعطي دون انتظار لمقابل..
ولكن ألم يأن الأوان لتتفقد أنت طائرك الأكبر وتجاهد فيها –مع والدك- كما دعانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم؟؟
هل فكرت في أن تلبي احتياجاتها البسيطة حتى وإن أبت هي من فرط خوفها وحرصها عليك؟؟
هل حاولت مرة أن تساعدها على قتل الوحدة والملل إذا ما تقدمت في العمر؟
هل علمت زوجتك وأبناءك أن يبروا ذلك الطائر ولو بابتسامة؟
هل أدركت أن هذا الطائر آن له أن بيستريح بعد رحلات طوال كانت سعادتك أنت وإخوتك الهدف الأول منها على مشقتها؟

هل تفقدت طائرك الذي اخترته بنفسك ليكون شريكاً لك في أجواء الحياة.. زوجتك؟
وهل حاولت أن تقتل الخرس الزوجي الذي يصيب آلاف البيوت بعد أن تصبح الزوجة مجرد قطعة من الأثاث أو الأجهزة الموجودة بالمنزل سواء بضيق نظرتها للحياة الزوجية أو لأن راعيها لم يحاول أن يعاملها إلا كأنثى مهملاً العقل الذي كرم الله به بني آدم؟
وحتى إن كانت هي السبب فهل تفقدت طيرك –وأنت الراعي القيّم- لتعدل مسار رحلة السرب الذي تقوده أم تعاملت وكأن الأمر لا يعنيك بحال من الأحوال؟
هل فكرت في السبب الذي يجعل تاريخ الزفاف هو نقطة تحول بين مرحلتين: الأولى الخطوبة بما فيها –غالباً- من رومانسية وحب للحياة وتفاؤل وإشراق ؛ وبين الزواج وما فيه من عكس لكل ما سبق من سمات؟ هل تخيلت أنك ربما يكون عليك الجانب الأكبر من المسئولية في هذا الصدد؟ ولم لا وأنت قائد السرب؟
هل تفقدت طيرك بأن تمنح زوجتك أذناً مصغية لا مستهينة بأفكارها؟
وهل وضعت الاحتمال غير المستيعد بأنك إن لم تستمع لها فقد تبحث عن تلك الأذن خارج نطاق بيت الزوجية.. ولتكن من تكون تلك الأذن؟
هل تفقدت طيرك الشريك قبل أن تبكي على اللبن المسكوب الذي سيكون المرادف لبيت مدمر متهاوٍ؟

هل تفقدت طيرك.. أفراخك؟
هل اكتفيت بأنك تقوم بما تراه واجبك كما نرى في الصور الطبيعية الجميلة للطيور بالأب يسعى ليعود لعشه مطعماً أفراخه رافعي المناقير؟ هل ترى أن مهمتك تقتصر على ذلك؟ إذاً فلتراجع نفسك ولترجع لنفسك لكي ترجع لطيرك.
أين أنت من النبي الملك سليمان عليه السلام الذي لم تلهه مشاغله الجسام عن تفقد الطير واكتشاف غياب أحد صغارهم على كثرتهم؟
هذا نبي الله سليمان .. أما أنت فتزعم أن مشاغلك خراج المنزل مبرراً لغيابك داخله.. وهنا بداية النهاية.. ولتنظر بنفسك إلى طيرك الصغير وكيف صار حاله:
هل تفقدت طيرك لترى ابنتك في خروجها من المنزل؛ ماذا ترتدي، ومن تصاحب، وأين تذهب، وماذا تفعل؟
لن تعرف كل هذا بأن تعمل على مراقبتها مثلاً ..فأنت أكثر من يعرف أن من يريد أن يفعل شيئاً فلن يعدم الوسيلة وسيفعل ما يريد.. ولكنك ستعرف كل هذا إذا كنت أنت الصديق لهذه البنت.. إذا تلقت ملاحظتك على هيئتها وملابسها مثلاً على أنها ملاحظة من أب حنون غيور لا من فظ خشن مدعٍ الأبوة .. نعم .. إن لم تفعل فأنت مدعٍ الأبوة: فماذا رأت منك كأب لكي تصدق أنك تقوم بهذا الدور الآن؟
هل وجدتك حضناً دافئاً ترتمي فيه لتدرك أن هناك من يعينها في هذه الدنيا؟ هل وجدتك مهتماً بشئونها مهما صغرت؟ هل وجدتك ذلك الرجل الذي يربي ابنته على أنها ذات عقل وشخصية لا أن تختزل في كونها أنثى تدخل في دوامة المحظورات والقيود التي تفرض خوفاً من مجهول لن يأتي إلا في غياب أو تغييب عقل الصغيرة؟

هل تفقدت طيرك ابناً وزوجاً وأباً لمن أسماهم رسولنا الكريم بالقوارير بل وأوصانا بالرفق بهن؟
هل تفقدت نفسك قبل أن تتفقد طيرك لتدرك أن الله منحك القوامة لا لتتعالى بها أو تتعامل بسطحية وإنما لكي تؤدي رسالتك في الكون؟ رسالة مفادها أن البيت هو المؤشر الذي يبين مسار المجتمع بأكمله فإن صلح البيت الصغير فأبداً لن يجد السوس مكاناً لينخر قوائمه المتينه.

10‏/12‏/2009

ألا يا طفل لا تكبر



ألا يا طفلُ لا تكبرْ..

ألا يا طفل لا تكبرْ..
فهذا عهدك الأغلى.. وهذا عهدك الأطهرْ
فلا همٌّ ولا حزنٌ.. ولا "ضغطٌ" ولا "سكّرْ"..
وأكبر كِذبةٍ ظهرت.. على الدنيا: "متى أكبرْ؟!"

فعشْ أحلامك الغفلى.. وسطّرها على الدفترْ..
وزخرفْ قصرها العاجي.. ولوّن سهلها الأخضرْ
وموّجْ بحرها الساجي.. وهيّج سُحْبَها المُمْطرْ
وصوّرْ طيرَها الشادي.. ونوّرْ روضَها المُمْطرْ
ستعرفُ عندما تكبر.. بأن الحُلْمَ لمْ يظهرْ!!

ألا يا طفلُ لا تكبر..
ألا يا طفلُ لا تكبر..

وقلّب قطعة الصلصالِ.. بين الماء والعنبرْ
وعفّر وجهك الساهي.. برمل الشاطيء الأصفرْ
تسلّ بلُعبة صمّا.. وداعب وجهها الأزهرْ

ولا تحفل بدنيانا.. وبسمة ثغرها الأبترْ
فتلك اللعبة الكبرى.. وعندك لعبةٌ أصغرْ
تناورنا.. تخاتلُنا.. وتَكْسِرُ قبل أن تُكسرْ
خئونٌ كلما وعدتْ.. غَرُورٌ وشيُها يسحر
لعوبٌ في تأتّيها.. شَموتٌ عندما تُدبرْ
منوعٌ كلما منحت.. قطوعٌ قبل أن تُنذرْ

ألا يا طفلُ لا تكبرْ..
ألا يا طفلُ لا تكبرْ..

ستعلمُ حينما تكبرْ.. بأنَّ هناك من يغدرْ
وأن هناك من يصغي.. لأزِّ عدونا الأكبرْ
وأن هناك من يُردي.. أخا ثقةٍ لكي يظفرْ

سيعلمُ قلبُك الدريّ.. بأن هناك من يَفْجُرْ
وأن هناك ذا ودٍّ.. ويبطنُ غير ما يُظْهرْ
وأن هناك نمّاما.. وجوّاظا ومُستكبرْ

ألا يا طفلُ لا تكبر..

ستعلمُ حينما تكبر..
بأنَّ الذنب مَحْصيٌّ.. وأن اللَّهو مُستنكرْ
وأنَّ حديثكَ الفِطْري.. هذاءٌ صار يُستحقر
وأنّ خُطَاكَ إنْ عثرتْ.. مُحَاسبةٌ فلا تعثرْ
ستعلمُ أنَّ للدينارِ.. عُبّادا فلا تُقهَرْ
وللأخلاقٍ حشرجةٌ.. ذوتْ في كفِّ مستثمر

ألا يا طفلُ لا تكبر..
ألا يا طفلُ لا تكبر..

ستعلمُ سطوة الغازي.. ومن أدمى ومن فجّر!!
ستدركُ لوعةَ الأقصى.. وتسمعُ أنّةَ المنبر
ستدركُ ذلَّ ذي التقوى.. وتشهدُ جُرأة المنكر

ألا يا طفلُ لا تكبرْ..

ولكن عندما تكبر..
فصلّ لربك الأعلى.. وقمْ للهِ واستغفر
وأسْرجْ مركبَ التقوى.. وخضْ بحر الهدى واصبر
ولا تُزرِ بكَ الدنيا.. تذكّرْ أنها معبر
وأن مردّنا للهِ.. في دوامةِ المحشر
وتظهرُ عندها الدنيا.. كحُلمٍ لاح واستدبرْ

ألا يا طفل لا تكبر

----------

قصيدة الشاعر/ صالح بن علي العمري

(أرسلت إلي منذ أربع سنوات تقريباً.. ومن حينها لا أنسى كلماتها.. لأنها تعزف على وتر الحنين الأزلي لأيام الطفولة.. إلا أننا نعزي أنفسنا بالطفل الموجود داخل كل شخصية منا ومهما حاول البعض قمعه إلا أنه يطل بين الحين والآخر .. وليت هذا الحين يطول)