08‏/03‏/2012

جويرية

جويرية
سمت جميل لا تخطئه عين من يتعرف إلى (جويرية) -جورة..كما يحلو للأهل والصديقات مناداتها- .. تلميذة الابتدائية ذات الروح المفعمة بالحياة برزانة لا تتفق مع عمرها ولا مع خفة ظلها الوقور.
هكذا عرفتها منذ سبع سنوات .. عرفت حبها للاطلاع، طلبت أعمالها فوجدت فيها من النضج الكثير، وكذلك كانت زميلتها وصديقتها المقربة (سحر)..
استأذنت ولي أمرهما وانطلقت بهما في أنشطة وصلت –بفضل الله- إلى مراكز على مستوى الجمهورية..
جزء مما نشر عن (جويرية) في مجلة مدرستها 2006
في الخير كان لها السبق أيضاً؛ فقد كانت تصطحب أسرتها لتشاركنا زيارات دور الأيتام.. وكذلك في تنظيم حفلات افطار لمن يعانون من الأطفال سواءً بفقد الوالدين أو بإعاقة ما تمنعهم من الانطلاق في حياتهم ..
لكنها –ومن معها- كانوا يجعلون من تلك الانطلاقة واقعاً بعد أن كان حلماً صعب المنال..
كم ضحكنا لبراءتها في حفل افطار من هذا النوع بنادي الترسانة، لم تستطع اللحاق بالمجموعة قبل أذان المغرب.. ضحكنا عندما كانت تروي لنا كيف أنها حاولت –مازحةً- إقناع الأسرة بتناول الإفطار في "مائدة رحمن" في الشارع .. و"كله بثوابه" على حد قولها..
يومها –كما أتذكر جيداً- حكت (وكانت في الشهادة الإعدادية) عن رغبتها في إعادة تجربة إصدار صحفي بمدرستها لكي تتمكن –وزميلاتها- من التعبير عن آرائهن.. وكم تمنت أن تجد من يعطي أذناً مصغية لآمال وأفكار الطالبات..
وعدتها وصديقاتها أن أزور مدرستها مع (أم خالد) –زميلة وولي أمر لطالبة بذات المدرسة- ونتفق مع الإدارة على أنشطة صحفية..  هو وعد –للأسف- لم أفِ به لسفري من القاهرة وعودتي لبلدتي..
بين الحين والحين أتصل بوالدها لأطمئن على جويرية وأشقائها..
عرفت منذ أكثر من عام أنه قد تم خطبتها.. تعجب البعض.. لم أندهش وقلت لهم رأيي يومها.
وهذا الرأي كررته منذ حوالي شهر عندما سألتني طالبات عن رأيي في الزواج المبكر.. وبين مؤيده ومعارضة قلت إن الأمر لا يجب تعميمه فهو متروك للفروق الفردية..
ولم أجد مثالاً خير من (جويرية) التي يعرفونها جيداً من طول ما قصصت لهم عنها وزميلاتها باعتبارهن قدوة.. قلت للسائلة رأيي القديم بأن (جويرية) ومن على شاكلتها تصلح –بعون الله- زوجة الآن وسابقاً ولاحقاً لأن الله امتن عليها بعقلية تتيح لها "فتح بيت" دون أن تجد مشقة في ذلك.
 ****************************
كانت آخر مرة أتكلم فيها عن (جويرية) أمس –الثلاثاء 6/3/2012- أثناء تدريبي لطلاب المدارس المختلفة على فنون الصحافة المختلفة في إطار برنامج تثقيفي لتنمية مواهب الطلاب..
لأول مرة في مثل تلك التدريبات أصطحب معي المجلات المدرسية التي قمت بتنفيذها ومنها مجلة (براعم أزهرية) التي تزين غلافها صور تلك البراعم ومنها (جويرية) ..
قلبت العدد صفحة صفحة .. وحكيت عن أبطاله.. حكيت عن جويرية وعلاقتها بأصدقائها ورجاحة عقلها رغم سنها الصغيرة آنذاك..

سبحان الله.. هل كانت رسالة من رب العالمين أن أتحدث عنها في الوقت الذي كانت توارى فيه التراب !!!
في نفس الوقت تقريباً كانت مراسم دفن (جويرية) التي توفاها الله قبل ساعات بينما تستعد للذهاب إلى درس.. مرت عليها زميلاتها قبل الموعد بدقائق .. وعندما توجهوا لايقاظها.. لم تستيقظ هذه المرة .. واكتفت برسم ابتسامة رضا لتبقى في أذهان وأفئدة كل من عرفها..
منذ ساعات اتصل بي من يعلمني الخبر.. كنت أسمع وأسترجع "إنا لله وإنا إليه راجعون" ولكن دون أن أعي حقيقة ما حدث..
اتصلت من الفور بالأب المكلوم (الشيخ أحمد) لأجد العبرات تخنقني ... وأجدني لم أضع اعتبار أنني المعزي الذي يجب أن يدعو صاحب المصيبة للصبر والثبات.. وانقلبت الآية لأجد الأب -ثبته الله وأهله أجمعين- يدعوني للثبات والصبر والاحتساب قائلاً: لا تعزيني؛ فهي ابنتك أيضاً ألهمنا الله الصبر (جزاه الله خيراً وأدام حباً في الله بيننا.. وجزى الله من جعلها الله سبباً في تلك المعرفة)
مر -ولا يزال-  شريط ذكريات ربما تكون قليلة بحساب الوقت .. لكنها ثرية بحساب ما تحمله من صور كم تمنيت أن يكون منها نسخ عديدة في كل مدرسة وبيت.. وكم تعجبت الطالبات اللاتي درستهن في القاهرة والصعيد من دعوتي المتكررة لاتخاذها - و "عصابتها" كما كنت أناديهم- نموذجاً لما يجب أن تكون عليه بنت الإسلام.
 هل أنكر أنني تعلمت منهن -حرفياً- أكثر بكثير مما علمته لهن.. أذكر جيداً وقفة واثقة في طابور الصباح في تنافس شريف لإخراج أفضل ما لديهن، مواهب منحها الله لهن، ورعتها أيدٍ أمينة من الأهل الذين أدركوا ما لديهم من نعمة شكروا الله عليها، فزادهم من جميل تلك النعم.

بعد أيام تحين الامتحانات.. وطبقاً للوائح سيكتب أمام اسمها "تخلفت" .. كم هي مسكينة تلك اللوائح التي لا يمكنها إدراك أن تلك الطالبة تحديداً لم تتخلف .. بل نحسبها "سبقت" إلى حيث الخير كل الخير بإذن الله تعالى وبرحمته ..ويبقى دورنا أن نسأله الرحمة لها..وأن يلحقنا بها على خير





***********************************

قدر الله وماشاء فعل.. كتبت عن (جويرية) في مدونتي خلال 2009 
.. وكنت أنوي الكتابة عنها مرة أخرى يوم زفافها .. ولكن مشيئة الله حكمت ألا يتم زفافها في دنيانا الفانية، وأن يدخر الله لها كل الخير في دار الخلود بإذنه تعالى..
رحمها الله بما علمتنا من دروس كانت فيها الأستاذة لمعلميها















هناك 5 تعليقات:

  1. رحمها الله واسكنها فسيح جناته
    واجرها من النار ورزقها اعلى درجات الجنة
    وحشرها مع من تحب
    وجعلها من اصحاب اليمين وجعل قبرها روضة من رياض الجنة وجعله مد بصرها وانس وحدتها وغسلها باماء والثلج والبرد
    اللهم امين امين امين

    ردحذف
  2. رحمها الله واسكنها الفردوس وجعلها شفيعه لنا يوم القيامه وجعلها من الذين يستظلون بظله يوم لا ظل الا ظله واسئله ان يجعل قبرها روضه من رياض الجنه
    وان يبدلها اهلا خير من اهلها ويجعلها من الحور العين

    ردحذف
  3. اللهم ارحمها واسكنها فسيح جناتك
    اللهم اجعل قبرها روضة من رياض الجنه
    اللهم ارفع درجاتها
    اللهم احشرها مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفييقا

    ردحذف
  4. رحمهاالله واسكنها فسيح جناته صديقدها اسماء

    ردحذف
  5. رحمها الله واسكنها فسيح جناته

    ردحذف