06‏/05‏/2009

حكاوي مدرس عنجليزي


"أنا مدرس".. حقيقة يفرضها الواقع رغم أن مهنة التدريس دوما أصفها بـ "أكرهها وأشتهي وصلها" : أكره فيها روتينيات معقدة فضلاًَ عن أمر واقع يجعل مدارسنا لا تمت للتعليم بأية صلة..



أما حبي بل عشقي لتلك المهنة فهو قديم حيث كنت أقوم بدور المعلم لصغار العائلة منذ كنت في الإعدادية.. واستمرت تلك "الهواية" لسنوات طوال إلا أنني كنت أريد لها أن تظل هواية ولا تدخل باب الاحتراف بأن تكون مهنة.

وبالفعل كنت أتهرب من أية مسابقة للتعيين كمدرس لأن شروطها دوماً كانت تجعلني من المقبولين بها.. إلى أن استجبت للوالد –رحمه الله- بالتقدم لمسابقة للتعيين بالأزهر في 2004.. وقد كان



وجاءت فرصة للعمل بالصحافة في مؤسسة صحفية دولية كبرى.. ولأن الكتابة والتحرير الصحفي هما عشقي الأكبر منذ الصغر لم أتردد خصوصاً أن العمل سيكون من القاهرة على أقصى تقدير دون الحاجة للسفر.

وحصلت على إجازة بدون مرتب استمرت ثلاثة أعوام من التدريس بالأزهر..



سبحان الله ..

رغم ضغوط العمل فوجئت بحنيني للتدريس يطفو من جديد فقمت بترتيب وقتي بحيث تكون فترة الصباح شاغرة.. وعملت بمعهد أزهري لغات وكان ابتدائي وهي المرحلة التي لم أدرس بها من قبل. وعلى تواضع إمكانيات المعهد –لأنه حكومي- فلا يزال له جزء كبير محفوظ في وجداني؛ فهو من التجارب الأهم في حياتي.. ولا أزال بعد خمس سنوات أتواصل مع أبنائي فيه.

ورغم ذلك رفضت الاستمرار وقررت خوض تجربة جديدة وكانت مدرسة لغات ضخمة فخمة لجميع المراحل. وكانت تجربة استفدت منها بالتعامل مع فئات وشرائح جديدة من المجتمع. ولله الحمد فقد كانت هناك مؤشرات نجاح لتلك التجربة ولا أزال أيضاً متواصلاً مع أبنائي فيها.



وفي تلك المدونة الكثير من حكاياتي عن تلك التجارب الجميلة..

أحكي فيها عن تلاميذ كنت أتخيل أنني –كمدرس- سأعلمهم لأكتشف أنني إن كنت علمتهم شيئاً فقد علموني أشياء وأشياء.

يذكرني حالي مع مهنة التدريس بأبيات الشاعر (إبراهيم ناجي) عن أسير الهوى الذي كان يدعو الله أن يخلصه ولما تخلص من هواه عاد إليه باختياره:

شكا أسره في حبـال الهوى وود على الله أن يعتقا

فلما قضى الحق فك الأسير حن إلى أسـره مطـلَقا



ويكفي أنني حين أعرف نفسي لأي شخص لا أذكر شيئاً عن الصحافة –رغم رونقها- بل أقدم نفسي كـ "فلان المدرس"



الخلاصة أن التدريس في قلبي.. ولكن ليس المهنة بل الرسالة..



أكاد أسمع سخرية البعض وتهكمهم لكن ليسخر من يسخر فهذه هي حقيقة شعوري نحو مهنة جعل الله أصحابها ورثة الأنبياء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق