09‏/05‏/2009

بص ف ورقتك


عارف إن الموضوع المرادي مش هايعجب ناس كتير هايعتبروني باقطع أرزاق

موضوع عن الغش كنت كتبتو في مجلة المعهد اللي تعينت فيه (أول بختي يعني) وطبعا اتنشر بغض النظر عن السبب: ديمقراطية، حرية، لوي دراع خصوصاً إني كنت عامل حوار مع مدير الامتحانات على مستوى الجمهورية... هييييييه يرحم الأيام.. وده كتبتو قبل ماعرف إن المدرسين دلوقتي بيغشوا ف امتحانات الكادر يعني الكل زعلان زعلان
------------------------------------------------------------------------



تخاريف من كوكب تانى:
1 + 1 ≠ 2 !!
" يسقط ".. فعـل ماضى !!!
5 = 3 !!



بعنوان كهذا أتخيل ( أبوالأسود الدؤلى) – واضع علم النحو – يؤكد اعتزاله وقبوله عرضاً للعمل كمدرس للغة الصينية فهى أسهل.. بينما يجرى (الخوارزمى) - واضع علم الجبر – حافيا بين القبائل صارخاً بأن ما جمع بين 3 و 5 " بااااطل" . ومن بعيد أرى نظرة خيبة أمل من العالم الأندلسى (ابن الشاطر) أول من برهن " بحساباته " أن الشمس هى مركز الكون, والذى عقد مؤتمرا صحفياً أعلن فيه أنه يتبرأ حتى من تشابه الأسماء بيننا .. ولهؤلاء جميعا أعتذر. ولكن الحقيقة إننى لا أتجنى لأن هذه التخاريف هى رأيى الشخصى وليست أخطاء طلاب مثلاً .


الحكاية تتلخص – فى بساطة مخلة – أن هذا للأسف الشديد صار هو اللغة التى تحكم "البعض " فى العملية التعليمية ؛ حيث أصبحت معظم الامتحانات مجرد حلقة من مسلسل تخريج أجيال يخجل الفشل نفسه أن توصم به فأنا أتصور أن هذا البعض يقسم أن النجاح لابد أن بعم على الجميع ضارباً عرض الحائط بأبسط قواعد المنطق . والويل كل الويل لمن يحنث بهذا القسم حتى لو كان الطالب نفسه الذى ينجح رغم أنفه ليترك مكاناً لغيره فى طابور خريجى الأمية.


المشكلة أن الأمر بهذا أنهى عصر " الغش " الذى يقوم به طالب يعتبر – شئنا أم أبينا – طالبا ذكياًَ خفيف الحركة لأنه كان يستطيع الغش رغم وجود المراقبين إلا أن القائمين على تعليمه استكثروا عليه هذه المواهب الشريرة فحولوه إلى مجرد آله كاتبه وذلك باستحداث نظام "التغشيش " الذى لا يقوم فيه الطالب بأى مجهود يذكر حيث لا حاجة له حتى بورقه الأسئلة لأن أجوبتها تصله حتى قبل أن يخط اسمه (!!).. وقد اعترض هؤلاء من قبل على استخدامى مصطلح " تغشيش " مؤكدين أنه والغش سواء متناسبين أن " تفعيل " أبدا لا تساوى" فعل" فالأولى بها تحفيز ومساعدة أما الثانية فالفاعل لا حول له ولا قوة إذ يعتمد على نفسه .. وهكذا و بطرفة عين ساوى هؤلاء بين "تفعيل" ذات الاحرف الخمسة و "فعل" ذات الثلاثة حروف فجعلوا الخمسة مساوية للثلاثة(!!) . إن الفرق شاسع فالتغشيش عملية منظمة تبدأ باختيار ملاحظين يفهمون أصول اللعبة وقواعدها .. وتمضى رحلة التغشيش إلى التصحيح حيث القواعد لا تخفى على أحد .


إلى هنا تسير القافلة وتعوى كلابها .. لا فرق ؛ فالكل ينال المباركة بعبور أبواب النجاح ولكن مع عدم تجاهل نظرية " البطن والظهر " الشهيرة فمن له ظهر لا مجال لوكزه فى بطنه. وهنا تختلف الأظهر فهذا طالب له مجرد فقرة فى العمود الفقرى وهذا له " الفقرى " كله , أما الثالث فله ظهر احدودب من كثرة من يحميهم . المهم أن مسألة الظهر تتباين تبعاً لحجمه وأسلوب تعامله فمنهم من لا يتردد فى دخول لجان أقاربهم رغم أنه ممنوع بسببهم من دخول المكان كله , ومنهم من يفضل نظرية " دارى على شمعتك " ومنهم من يدخل لقراءة الأسئلة فيندمج ويقرأ الأجوبة ومنهم .. ومنهم .. ومنهم .. ولكن هذه التدخلات استثنائية الغرض من ورائها دعم هؤلاء الصفوة فى الترتيب مثلاً ولكن النجاح نفسه أمره منتهى ؛ فالكل ناجح نجاحاً لا رجعة فيه .


والنتيجة : طالب استنام لمثل هذا النظام فأهمل الاستذكار لأنه يجد فيه مضيعة للوقت مادام النجاح مضمونا ولو من الدور الثانى والأدهى أن الطالب أدرك أنه يمتلك " صك غفران " يضمن بموجبه النجاح فلم لا يفعل ما يعن له من صور نراها تجد السلوك الأسوأ لطالب علم ثم نضرب كفاً بكف حسرة على أيام زمان متسائلين " من المتسبب فى هذا ؟ !! "

لقد حول المتسببون فى هذا فعل " يسقط " إلى فعل ماض لم يعد له وجود فى أيامنا ؛ فالنجاح للجميع . وأخر ما قد أقصده أن يستخدم النجاح والرسوب كسوط عقاب للطلاب كما كان من قبل. لا ... بل أقصد أن الطالب حال أدرك أن الطريق الوحيد لنجاحه هو تحصيل العلوم لعكف على ذلك بما لا يدع مجالاً لإظهار ما يحمله من قبيح السلوكيات .


ويقدم لى هؤلاء مبررات واهية لما يقومون به من تغشيش وفيما يلى رد على بعضها :
أولاً : لا مبرر نهائياً للجوء للتغشيش لرفع نسب النجاح ففى حال وجود انضباط فإن نسب النجاح ستعبر عن المستوى الفعلى للطالب والمعلم معاً . فمرحباً بـ " لم ينجح أحد " ونجحت أخلاقيات جيل كامل .
ثانياً : يكذب على نفسه قبل غيره من يدعى أن مسألة التغشيش إنما مرجعها الرفق بأولياء الأمور !! فليدلنى أحد إذاً على ولى الأمر الذى يهلل للنجاح " الشيطانى " لابنه مقابل سلوك عقباه غير محموده . ثم أين الرفق – ياهؤلاء – بالمعلم الملتزم الذى يبح صوته ولكن أدراج الرياح فما يفعله طوال العام تضيعونه سدى فى لحظات .
ثالثاً : من غير الإنصاف القول بأن التغشيش مرجعه أن المعلم قد يتغيب أو يهمل مما يستلزم تعويض الطلاب فى الامتحانات !! وبحسب معلوماتى المتواضعة فانه يتوجب إيجاد البديل أو عقاب المعلم إذا كان ذلك عن استهتار .
رابعاً : ثمة دفاع خطير مفاده أن الغرض من عملية التغشيش أن يحصل الطالب على " شهادة والسلام " ! يأتى هذا فى الوقت الذى تعمل فيه الدولة على الاهتمام بكيف لا بكم التعليم . وفى هذا أدعو أصحاب هذا الدفاع
للنظر إلى نتيجة ما جنته أيديهم من خريجين لا يجيدون القراءة والكتابة وما شابه ذلك .
وآخر المبررات هو محاولة خبيثة لإضفاء شرعية على ذلك بالزعم أن " كله كده " وهو غبن واضح لا أعتقد فى صحته . وبافتراض أن هذا التعميم – على ظلمه – صحيح فلماذا لا نكون أنموذجاً مثاليا يحتذى بـه غيرنا ونكون سباقين لتقديم صورة مشرقة مشرفة 0


إن " 1+1=2 " مسلمة رياضية دخلت موروثنا الشعبى للدلالة على صحة الأمور واستقامتها. إلا أن هؤلاء يجعلون 1+1 مساوية لأى شئ إلا 2 فهل يطول الإنتظار حتى تعود الأمور لأصلها؟
حتى هذا الوقت أقول مع القاضى الجرجانى :

" ولو أن أهل العلم صانوه صانهم ولـو عظمــوه فى النفـوس لعظمــا
ولكــن أهــانـــوه فهــانوا ودنســوا محيـــاه بالأطمـــاع حتى تجهمـــا "

" أحلام رومانسية ".... عبارة تقال فى وجه من له مثل الرأى السابق بعد أن يقال الجزء الأسوأ فى غيبته... إلا أن ما أطلبه شىء طبيعى مررت بـه شخصياً – وغيرى الملايين بدءاً بدراستى الابتدائية وحتى نهاية الجامعية من أنه على قدر العمل يكون الجزاء 0

وختاماً أتمنى من هؤلاء الكف عن التغشيش والعمل على إنهاء ما تبقى من الغش وتحقيق المساواة التى من أجلها شرعت الامتحانات .. وليتنى أرى هذا اليوم قبل عودتى لكوكب المريخ الذى أتيت منه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق